القصيدة المُناسبة في المكان المُناسب

القصيدة المُناسبة في المكان المُناسب

 

مع أن القصيدة هي بضاعة الشاعر وهو مُنتجها ومُبدعها الذي يُفترض أن يكون أكثر الناس تقديراً لها ومعرفة بقيمتها وسعياً لإبرازها إلا أن هناك مؤشرات تدل على عدم وعي بعض الشعراء بقيمة قصائدهم ولا بالطُرق المناسبة التي يُمكن أن يخدموها بها. فكما هو معروف فالموهبة وحدها لا تكفي لتُحقق للشاعر المُبدع جميع ما يصبو إليه من أهداف إذا لم يمتلك إلى جانب الموهبة والذكاء في اختيار موضوع القصيدة ومفرداتها وصورها قدرةً على اختيار القصيدة المناسبة للمكان المناسب.

ففي كثير من الأحيان يحرص الشاعر على تجويد قصيدته وعلى الاعتناء بجميع ملامحها الجمالية لكنه يخفق إخفاقاً كبيراً في اختيار المكان أو الجهة الأنسب لنشرها، ومن الأمثلة الواضحة على هذا الأمر إلقاء الشاعر لقصيدة رثاء أو موعظة تتحدث عن الموت وأهواله في أمسية تقام بمناسبة سعيدة كالأعياد أو الأفراح، أو إلقائه لقصيدة هجائية في أمسية مهرجان سياحي أو ترفيهي، أو إلقاء قصيدة غزلية تتضمن وصفاً حسياً في أمسية يحضرها جمهور نسائي، كل هذه الأمور حدثت في السابق وربما تحدث مستقبلاً ما دام عدد غير قليل من الشعراء غير واعين بمضمون العبارة الشهيرة "لكل مقام مقال"، مع أنهم يحفظونها ويكررونها باستمرار.

في مقابل أولئك نجد مبدعين آخرين يتوازى لديهم الحرص على اختيار المنبر الصحيح والملائم لكل قصيدة يبدعونها مع الحرص على تخليص أشعارهم من أي مفردات قد لا تكون في مكانها الصحيح أو قد يُساء فهمها، ومن كل صورة مُختلة أو ضعيفة قد تشوه وجه القصيدة وتُقلل من نسبة تقبل المستمع أو القارئ لها، وأعتقد أن الشاعر سيكون قادراً على تحقيق كل ما يسعى إليه من خلال الشعر حين يستطيع الجمع بين جودة القصيدة وبين اختيار المنبر الأنسب لإيصالها للناس.

أخيراً يقول مبارك بن شافي:

جاوز بي آلام عمري واغتراب الشباب

وآمالي اللي تناثر ف الزمان الصعيب

أنت الحقيقة وغيرك في عيوني سراب

أقرب قريبٍ معي لا غبت عني غريب

لو كل حبٍ تلاشى في حياتي وغاب

والله يا حبك اللي ف الحشا ما يغيب

 
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5

أضف تعليقك على الموضوع

code
||