مفاتيح العلف
- مقالات ومقابلات صحفيه منقوله
- 6/4/2016
- 1655
- علي بن محمد الرباعي - صحيفة عكاظ
مفاتيح العلف
كان مسلم رابع ثلاثة إخوة اشتهروا بالدهاء والحكمة كون أمهاتهم من بيوت ضاربة وأخوالهم فطاحل وكما قال المثل (الخال منقوش في الرحم).
برع أحدهم في التجارة ونجح في كسب المال وتنمية الثروة وغزا أسواق المنطقة وعلا صيته حتى أصبح اسمه علامة تجارية. وقته ثمين جدا والعمل مقدس، إلا أنه لا يمنعه أداء ما أوجب الله. كان يأخذ بمذهب الإمام مالك في الجمع بين صلاتي الظهر والعصر وينصرف لعمله.
في حين برز الثاني في الصناعة وأبدع في توفير العديد من الصناعات اللازمة لبناء وتأهيل المنازل وعرف بأمانته ونزاهته في إتقان صنعته وتطوير حرفته حتى أصبح شريكا لكبرى الشركات العالمية ومسوقا لأجود أنواع الصناعات المطورة.
وبدأ الثالث بناء المنازل في زمن البناء بالحجارة ثم جاءت الطفرة فأسس شركة مقاولات غدت مضرب مثل.
الرابع لم يعتن بالعلم ولم يتقن صنعة ولم يبرز في حرفة. اكتفى بما تيسر من فك الحرف ودروس الكتاتيب، إلا أن القرية أطلقت عليه لقب (شيخ) واكتفى به ولم يطمح إلى أعلى منه، وقنع بوظيفة إدارية في إدارة تهوى المماطلة.
يحضر للعمل وفي إحدى يديه ثلاث تميسات وفي الأخرى طاسة الفول ويتخفس هو ومن معه في نعمة الله، ثم يتجشأ ويحمد الله ويتمغط ساعة، ثم يفتح حوارا مع الزملاء عن برنامج تلفزيوني ويخوض في المسائل الخلافية، والتعليق على الكتبة وأطروحاتهم المستهدفة عقائد الناس وأخلاقهم، ويبدأ الوضوء عند الحادية عشرة ثم يصلي ركعتين لما ورد في الأثر من فضلهما ثم يسبح ويستغفر ويمغط الوقت حتى يؤدي صلاة الظهر ويعود للمكتب متثاقلا ومعاملات الناس فوق الطاولة وينظر إلى الساعة ويتذكر أنه يجب أن يذهب لإحضار الأولاد من المدارس.
سألته إحدى بناته: لماذا لم تكن مثل أعمامي؟ فأجاب: يكفي أنني حافظت على تراث آبائي وأجدادي، وهذه المفاتيح المعلقة عندكم تؤكد أني أصيل في العناية بمجد أسلافي. تجرأ أحد الأبناء ذات صباح وحمل المفاتيح وانطلق لبيوت أجداده وفتح الأقفال وإذا بها مليئة بالعلف. وسلامتكم.
أضف تعليقك على الموضوع