الأرتباط الكبير عند العرب بين لفظتي حاكم وحكيم.

الأرتباط الكبير عند العرب بين لفظتي حاكم وحكيم.

روى "عمران بن حصين"، "عمران بن الحصين"، حديثاً عن رسول الله، هو: "الحياء لا ياتي إلا بخير"، فقال " بشير بن كعب، وكان قد قرأ الكتب: إن في الحكمة: أن منه ضعفاً. فغضب عمران، وقال: أحدثك: لما سمعت من النبي، وتحدثني عن صحفك هذه الخبيثة". ويظهر إن "بشيراً" هذا كان ممن طالع كتب أهل الكتاب ووقف على الحكمة.
وقد ذكر الأخباريون أسماء أناس آخرين عرفوا بالحكمة كذلك، مثل: أكثم بن صيفي التميمي، من رؤساء تميم ومن "حكام العرب". ويلاحظ أن الأخباريين يخلطون في الغالب بين الحكيم والحاكم، فيجهلون "حكّام العرب" من "حكماء العرب" ويذكرون أحكامهم في باب. كذلك نسبوا معظم خطباء الجاهلية إلى الحكمة كذلك، مما يدل على أن للحكمة عند الأخباريين معنى واسعاً، يشمل كل ما فيه عظة وتعليمٌ. وقد كان العبرانيون وبقية الساميين يجعلون الحكام من طبقة الحكماء، لأن الحاكم لا بد وان يكون حكيماً، أي مدركاً فطناً نافذاً إلى بواطن الأمور، يحكم عن عقل ناضج وعن رأي مصيب، فهم اولى وأقدر على ابداء الأحكام الصحيحة من غيرهم، ولهذا نجد ارتباطاً كبيراً في المعنى وفي اللفظ بين لفظتي حاكم وحكيم.
ومن حكام العرب الذين ذكرهم أهل الأخبار، ونسبوا اليهم الحكم والاصابة في الرأي وصدق الأحكام "عامر بن الظرب العدواني" حكيم قيس، وقد عدوه "من حكماء العرب، لا تعدل بفهمه فهماً ولا بحكمه حكمآً". وقالوا: انه هو المراد في قول العرب: "إن العصا قُرعت لذي الحلم". أما "ربيعة"، فتقول: انه "قيس بن خالد بن ذي الجدّين". وأما تميم، فتنسب هذا الفخر إلى رجل منها هو "ربيعة بن مخاشن أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم". وأما اليمن، فتقول: انه "عمرو بن حممة الدوسي"، ويذكر بعض، آخر إنه "عمرو بن مالك بن ضبيعة، أخو سعد بن مالك الكناني".

وفي كتاب "العقد الفريد"، قصة اجتماع وقع بين عامر بن الظرب العدواني وحممة بن رافع الدوسي وبين ملك من ملوك حمير، ورد فيها: أن الملك قال لهما: تساءلا، حتى أسمع ما تقولان ? ودوّن رواة هذه القصة ما جرى في الاجتماع من أسئلة وأجوبة. ومدارها خاطرات عن الحياة وعن الناس وعن الأدب، بالسجع المألوف. ومما جاء فيها إن أحكم الناس " من صمت فاذّكر، ونظر فاعتبر، ووعظ فازدجر"، وان أجهل الناس من رأى الخُرق مغنما"، والتجاوز مغرماً".
وذكر أنه كل إن قد جمع قومه "عدوان"، فنصحهم بقوله: " يا معشر عدوان: الخير ألوف عروف، وإنه لن يفارق صاحبه حتى يفارقه، وإني لم اكن حكيما حتى صاحبت الحكماء، ولم أكن سيدكم حتى تعبدت لكم. وكان كما يقول "ابن حبيب"، آخر حكام العرب وقضاتهم وأئمتهم قبل انتقال الحكومة إلى "بني تميم" بعكاظ، وروي له حكم في "الخنثى"، وأيد الإسلام حكمه. ورووا له شعراً في الخمر، يقول فيه: إن أشرب الخمر أشربها للذتها وإن أدعها فإني ماقت قال
لولا اللذاذة والفتيان لم أرها ولا رأتني إلا من مدى الغالَ
سئالة للفتى ما ليس يملكه ذهابة بعقول القوم والمال
مورثة القوم أضغاثاً بلا احن مزرية بالفتى ذي النجدة الحال
أقسمت بالله أسقيها وأشربها حتى يفرق ترب القبر أوصالي
وفيه يقول ذو الاصبع العدواني: ومنا حكم يقضي فلا ينقضي ما يقضى
ومن حكمه: "الرأي نائم، والهوى يقظان، فمن هناك يغلب الهوى الرأي".
وله جواب على خطاب "صعدة بن معاوية" حين جاء إليه يخطب ابنته. وكانت له بنت عدت من حكيمات العرب، حتى جاوزت في ذلك مقدار "صحر بنت لقمان"، و "هند بنت الخس"، و "جمعة بنت حابس ين مُليل" الاياديين.
وذكر أهل الأخبار أن من حكام تميم في الجاهلية: أكثم بن صيفي، وحاجب ابن زرارة، والأقرع ين حابس، وربيعة بن مخاشن، وضمرة بن ضمرة. ويذكرون إن "ضمرة" حكم، فأخذ رشوة، فغدر. والغدر عيب كبير، ومن أذم الصفات عند الجاهليين.

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5

أضف تعليقك على الموضوع

code
||