الصحة والوقت والعقل
- القسم العام
- 25/8/2012
- 1852
يا سادة : إن الصحة والوقت والعقل ، كلُّ ذلك مال ، وكلُّ ذلك من أسباب السعادة لمن شاء أن يسعد وملاك الأمر كلِّه ورأسه الإيمان ، الإيمان يُشبع الجائع ، ويُدفئ المقرور، ويُغني الفقير، ويُسَلِّي المحزون ، ويُقوِّي الضعيف ، ويُسَخِّي الشحيح ، ويجعل للإنسان من وحشته أنسًا ، ومن خيبته نُجحًا
وأن تنظر إلى من هو دونك ، فإنك مهما قَلَّ مُرَتَّبك ، وساءت حالك أحسن من آلاف البشر ممن لا يقلُّ عنك فهمًا وعلمًا، وحسبًا ونسبًا وأنت أحسن عيشة من عبد الملك بن مروان ، وهارون الرشيد ، وقد كانا مَلِكَي الأرض فقد كانت لعبد الملك ضرس منخورة تؤلمه حتى ما ينام منها الليل ، فلم يكن يجد طبيبًا يحشوها ، ويلبسها الذهب ، وأنت تؤلمك ضرسك حتى يقوم في خدمتك الطبيب وكان الرشيد يسهر على الشموع ، ويركب الدوابَّ والمحامل ، وأنت تسهر على الكهرباء ، وتركب السيارة ، وكانا يرحلان من دمشق إلى مكة في شهر، وأنت ترحل في أيام أو ساعات.
فيا أيها القراء: إنكم سعداء ولكن لا تدرون ، سعداء إن عرفتم قدر النعم التي تستمتعون بها ، سعداء إن عرفتم نفوسكم وانتفعتم بالمخزون من قواها... سعداء إن طلبتم السعادة من أنفسكم لا مما حولكم ، سعداء إن كانت أفكاركم دائمًا مع الله ، فشكرتم كل نعمة ، وصبرتم على كل بَلِيَّة ، فكنتم رابحين في الحالين ، ناجحين في الحياتين والسلام عليكم ورحمة الله.
المصدر: كتاب صور وخواطر للشيخ علي الطنطاوي، دار المنارة ، ص17
أضف تعليقك على الموضوع